نشاطات
اطلاق مسودة مشروع القانون في بعبدا– كلمة الرئيس سليمان– 4 نيسان 2014
إن أهم قانونين من بعد الدستور اللبناني هو قانون الانتخاب وقانون الموازنة، ولكن اللامركزية الادارية التي ورد ذكرها في اتفاق الطائف ترتدي الاهمية نفسها لهذين القانونين لأنها تطال قانون الانتخاب وتتداخل معه وتطال الموازنة لجهة تأمين متطلبات الادارات ومتطلبات الناس.
أهمية هذا القانون تكمن في أنه يؤمن الانماء المتوازن، ووفقاً للدستور الانماء المتوازن هو ركن اساسي من اركان وحدة الدولة التي تحدث عنها وزير الداخلية وعرضها أيضاً الوزير السابق بارود.
هذه اللامركزية تعزز الوحدة الوطنية وتؤمن التنوع الموصوف فيه لبنان ضمن هذه الوحدة من دون أن تلامس طبعاً الفيديرالية او اي نوع من انواع التقسيم. وهنا اقول أن في فنلندا مثلاً التي زارنا رئيسها بالامس لديهم 364 حكومة، وجميعنا نعلم أنها دولة موحدة وفي كامل وحدتها الوطنية. لذلك هذا الامر لا يخيف أبداً. ومن مميزات هذا القانون ايضاً أنه يعطي أوسع الصلاحيات للمجالس المحلية.
وأما ايجابيات هذا القانون هو العمل المحلي والقدرة المحلية في اشراك الهيئات المنتخبة في اتخاذ القرارات التي تطال الاقضية، أي بالمعنى الآخر هو الانماء المتوازن.
ومن مميزاته أن المجتمع الاهلي يمسك بقضاياه الخاصة من خلال هذه المجالس ويبتعد عن الزبائنية والنفعية والاسترهان للسلطات السياسية، ويتنافى ويتجنب التعطيل الذي تمر به في اوقات كثيرة الدولة اللبنانية بحسب الواقع.
أما الامر الثالث لأهمية هذا الموضوع هو ممارسة الديموقراطية، ونحن طبعاً لا نمارس الديموقراطية بالشكل الجيد، فنحن ننتخب ولكن لا ننتخب كما يجب أن ننتخب. وأعتقد أن إنتقال هذا الموضوع الى اللامركزية سيحسّن من ممارسة الشعب اللبناني للديموقراطية. وأيضاً هناك أشياء مهمة وردت في هذا المشروع، كاعتماد النسبية والاكثرية، وهذا أمر جيد.
وإشراك المرأة وهذا أمر مهم جداً، في التمثيل وفي اتخاذ القرار ، وقد عجزنا لغاية الآن في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء من تحقيقه، فلا بد من ان تأتي هذه المشاركة في المجالس المحلية.و في المناسبة نحن نسمع اليوم صرخة هو قانون العنف الاسري، وقد وصلت هذه الصرخة وسندرس هذا الموضوع بالتنسيق مع المجلس النيابي لمحاولة ادخال بعض التعديلات المطروحة على هذا القانون.
ومن مميزات هذا القانون ايضاً هو اشراك الشباب بالاقتراع وليس فقط بالانتخاب. ولقد ذكر ان سن الشباب يجب أن يكون 18 سنة، ولكن عندما زرت البرازيل رأينا أن اللبنانيين من اصل لبناني هناك ينتخبون من عمر 16 عاماً اختيارياً، ومن عمر 18 يصبح الانتخاب اجباري ويتحمل المسؤولية الشاب الذي لا ينتخب. فعلى الاقل يجب في لبنان أن نخفض السن الى 18 كدرجة اولى.
إن إشراك المقيمين في البلديات في انتخاب المجالس التابعة لهم أمر مهم جداً، وأعتقد أن مدة الاقامة حددت بست سنوات فيصبح قادراً على الترشح وعلى الانتخاب وهذا كله يؤدي الى تقليص الهوة بين السلطة والشعب.
ومن ايجابيات هذا القانون هو ما يتأتى من المنافسة وتحفيز الاداء على كل المستويات وهذا يخلق وعي ويفرز قيم قائمة على الابداع ويخلق نخب اجتماعية في كل المناطق، ولا بد هنا من أن يظهر دور الشباب عند هذه الممارسة وتتعزز المبادرة الفردية.
واشرنا الى أن اللامركزية هي حلقة بالانماء المتوازن المذكور في الدستور وفي مقدمته. وأصبح ضرورياً بعدما تعثر هذا الانماء على مستوى الدولة المركزية وقد فشلت الى غاية الآن في تحقيق هذا الانماء، لجهة توزيع الثروات وللتوازن في الانفاق. وعبر الصندوق اللامركزي الذي له عائدات متعددة، ونتكل أيضاً على أن يكون لعائدات النفط في المستقبل دوراً في تعزيز هذا الصندوق وتسديد حاجات المناطق من الانماء بشكل جيد.وهدف هذا الصندوق تطوير وتنمية الاقضية والبلديات.
وهناك أمر مهم أيضاً ضمن المشروع وهو جهاز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي له أهميته على مستوى الدولة، فهناك مشروع قانون في المجلس النيابي يجب تحريكه.
وهذه الشراكة تعزز فرص العمل للشباب، ومن لديه الكفاءة يدخل عبر القطاع الخاص الى العمل في مشاريع الدولة، ما يؤدي الى تخفيف الهجرة، وتعزيز الدورة الاقتصادية، وتستعيد القرى والبلدات أبناءها المنتشرين في الخارج لإظهار كفاءاتهم في الداخل.
أما الامر السادس في هذا المشروع، هو الشفافية، أي المحاسبة والمراقبة. أي أصبح المواطن بذلك أقرب الى محاسبة هؤلاء الذين انتخبهم وتولوا شؤونه.
والقانون يتحدث ايضاً عن المستوى العلمي، وهذا أمر جيد على مستوى الادارة ويعزز الكفاءة، ويضع آليات لتحدي هذه الادارة اي ترشيد الادارة والحوكمة، من خلال الاجهزة التي وضعها بتصرف الادارات المحلية كجهاز الاحصاء، وجهاز الحوكمة المحلية وآخر للمعلوماتية، وللسلامة المرورية، وجهاز لمشاريع وأنظمة وقوانين تحديث الادارة.
أما الامر السابع والمهم فهو الامن. ونحن نذكر هذا الموضوع اليوم، وقد نفذ الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي خطة أمنية محكمة في طرابلس ونجحوا في تطبيق هذه الخطة، والتي استطاعت أيضاً تفكيك وتعطيل شبكات الارهاب والانتحار والتكفير بصورة سريعة. واليوم هذه القوى تفرض الامن في طرابلس، ولذلك أقول إن إنشاء جهاز شرطة على مستوى القضاء هو أمر مهم وفائق الاهمية بضبط الامن. فالجريمة تبدأ في الضيعة، وفي الشارع والشرطي البلدي هو الاكثر علماً بما يحصل في الشارع. وعندما نعطي القضاء جهازا للشرطة مع مركز للتدريب يصبح لدينا فعلاً أمن وعندما تحصل امورا مهمة تتدخل القوى المركزية مثلما يحصل الآن على مستوى طرابلس لأن القوى المركزية لديها مهمات كثيرة منها ضبط الحدود. وهذا مشروع جدي وسيكون لهذه الشرطة صفة الضابطة العدلية، وهذا الامر يساعد كثيراً على ضبط الامن.
وتابع: "أنا أشكر اللجنة التي عملت على إنجاز هذا المشروع، وعلى جهودها التي واكبتها شخصياً. وأشكر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي كان لديه مبادرة لتأليف هذه اللجنة ووزير الداخلية السابق الذي واكب هذا المشروع. وأنا أتكل كثيراً على وزير الداخلية الحالي وعلى رئيس الحكومة الذي تبنى هذا المشروع، للعمل على إخراجه، علماً أن الوقت لا يسمح لذلك، ولكن سيرفع هذا المشروع الى الحكومة ليصبح اقتراح قانون بعد ان يقر، وفي هذه الاثناء أطلب من الهيئات المحلية ومن المواطنين أن يدخلوا الى الموقع الالكتروني الذي يعرض فيه هذا المشروع لتقديم ملاحظاتهم خلال 15 يوما. وخلال مهلة 3 او 4 أسابيع يستطيع مجلس الوزراء أن يعقد جلستان او ثلاثة لإقرار هذا المشروع قبل انتهاء الولاية.
إن الوقت الذي أتحدث عنه، هو ضيق، لأننا في مرحلة استحقاقات. استحقاق رئاسة الجمهورية الذي دخل منذ 5 أيام في المهلة، واستحقاق انتخابات المجالس البلدية التي ليست ببعيدة. وهناك مهل لإعداد الاجراءات وتحضير الانتخابات وناهيك عن ضرورة اقرار قانون عصري للانتخابات وهناك مشروع يعتمد على النسبية موجود في مجلس النواب.
لذلك يجب أن نندفع ونجعل هذه المناسبات الانتخابية مناسبات فرح للّبناني.
أما الامنية الثانية، هي استكمال تطبيق اتفاق الطائف عبر انشاء مجلس للشيوخ ووضع قانون انتخابات نيابية، وطبعا إلغاء الطائفية السياسية بإرادة اللبنانيين جميعاً ، الذين يريدون المناصفة ولكن القاعدة الطائفية في الانتخاب يمكن تجاوزها وارساء قاعدة وطنية والابقاء على الطوائف داخل المجالس النيابية ومجالس الشيوخ مناصفة.
واكمال تطبيق الطائف يتعلق بإطالة عمر الطائف. وهذا الدستور أرسى حالة استقرار في لبنان جيدة ولكن يلزمه التحصين، باستكماله وبالنظر في الثغرات الدستورية، ليس على قاعدة تنازع الصلاحيات بل على قاعدة توزع المسؤوليات. فهناك ثغرات بالدستور تعطل عجلة الدولة.
ولدينا في رئاسة الجمهورية مشروع متكامل تم درسه من قبل اخصائيين وسنطرحه، وطبعاً تعثر عجلة الحكم خلال السنوات الاخيرة من بعد اربعين عاماً من تعثر آخر. فقبل الطائف كان هناك تعثر أمني وحرب أهلية ومؤسسات منقسمة ولا انتخابات. ومن بعد الطائف كان هناك راع لهذا الامر، ووجدنا أنفسنا وحيدين منذ 2008 وهذا عظيم جداً ولكن لقد تعثّر معنا تطبيق السياسة وتطبيق الدستور وتعثرت الاستحقاقات الدستورية وضاعت الاولويات.
فالثغرات يجب أن تعالج بذهنية الانفتاح ولدينا رزمة إصلاحات من الممكن أن ينظر فيها وسأضعها بتصرف مجلس الوزراء، إذ أن الحكم استمرارية، وعلى الرئيس القادم والحكومات القادمة أن تتابع هذا الموضوع بنظرة إيجابية.
أما الامر الاخير، هو متابعة الحوار. وعقدنا بالامس جلسة وبدأنا التحدث بموضوع الاستراتيجية الدفاعية وسنعقد جلسة أخرى، او لا نعقد، ومن الافضل أن نعقد، فإذا انتخب رئيس للجمهورية قبل هذه الفترة نقرر إذا كان هناك لزوما لعقد الجلسة أم لا، فالمهم أن يستلم هذا البيرق العهد الجديد، ومناقشة الاستراتيجية مع الرئيس الجديد، وانا أصر على الرئيس الجديد، ولكن هذا الرئيس الجديد وهيئة الحوار يجب أن يتابعا ما تقرر في الحوار. أي مواكبة المحكمة الخاصة لغاية صدور أحكامها، وأن تحدد الحدود كما اتفق بهيئة الحوار، وان ينزع السلاح الفلسطيني من خارج المخيمات وان يضبط هذا السلاح داخل المخيمات، ويطبق ميثاق الشرف الذي اتخذناه في بعبدا والذي اقترحه المرحوم غسان تويني. وأيضاً تطبيق اعلان بعبدا ومناقشة الاستراتيجية مع الرئيس الجديد.
نعم الرئيس الجديد، رئيس قوي وليس رئيساً ضعيفاً ولكن رئيس لبناني، عربي، توافقي إذا أمكن، او ينتمي الى خط سياسي لبناني مكتمل الولاء للبنان.
إضافة الى ذلك والاهم من كل ذلك أن يكون رئيساً كبيراً بحجم لبنان المقيم ولبنان الاغتراب لكي يقوم بواجباته بالشكل الصحيح .ولا يمكن المباشرة ببناء الدولة من دون مقاربة الاستراتيجية الدفاعية لتحصين لبنان ولحماية الجميع بمن فيهم المقاومة.